منتدى رئيس الملائكة ميخائيل
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى رئيس الملائكة ميخائيل

كل ماتريده ستجده هنا
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 عروس الحمل

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
pola
مشرف
مشرف
pola


ذكر
عدد الرسائل : 240
العمر : 28
الدولة : egypt
تاريخ التسجيل : 13/05/2007

بطاقة الشخصية
نقاط التميز:
عروس الحمل Left_bar_bleue100/100عروس الحمل Empty_bar_bleue  (100/100)

عروس الحمل Empty
مُساهمةموضوع: عروس الحمل   عروس الحمل Emptyالسبت يوليو 26, 2008 5:00 pm

مقدمة
كل مؤمن مُتعلّم في كلمة الله يعي جيداً أن كنيسة الله تتألف من جميع المؤمنين الذين صاروا واحداً مع المسيح في المجد بالروح القدس وهم على الأرض. هذا وقد بدأت الكنيسة عند مجيء الروح القدس في يوم الخمسين وستكتمل عند مجيء الرب للاختطاف.
ونعرف أيضاً أن الكنيسة منظور لها بأوجه عديدة وتُستحضر أمامنا بصور مختلفة في أسفار العهد الجديد، فمنظور لها بأنها رعية واحدة (يو10: 16) وأنها بيت الله (1تي3: 15) وجسد واحد (1كو12: 12و13) وفي النهاية كعروس الحمل (2كو11: 2، رؤ21: 9).
وفي كلٍ من هذه الصور نرى ذات الجماعة ولكن بطرق متنوعة لتستحضر الحقائق المختلفة. فباعتبارها رعية واحدة فإن الكنيسة تتكون من كافة المؤمنين الذين اجتذبتهم قوة المسيح كالراعي الواحد الذي يقود شعبه في برية العالم هذه، منقذاً إياهم من العدو، وحامياً إياهم من كل خطر، وقائداً لهم في المراعي الخضر، وباعتبارها بيت الله فإن الكنيسة يُنظر لها كمسكن الله الروح القدس على الأرض حيث يُحفظ الحق كشهادة في العالم لنعمة الله. وباعتبارها جسد واحد والمسيح رأسها فإن الكنيسة يُنظر لها كجماعة من الناس يُطعمها الرأس وهي مملوءة بكل ملء المسيح.
وكعروس الحمل فإن الكنيسة بجملتها هي غرض محبة المسيح وعنايته ومسرته. وهذا هو الوجه الذي نريد أن نتأمل فيه باختصار. فالكنيسة من هذه الزاوية بشكل خاص تستحضر أمامنا محبة المسيح ولهذا السبب فهي تؤثر في قلوبنا بشكل مباشر.
وليست من علاقة حميمة بالأكثر نظير علاقة العريس بالعروس، ففيها نجد ما يتناسب تماماً مع محبة المسيح لكنيسته. وبالإيجاز نقول أن روح الله يستخدم تلك العلائق الأخرى ليؤكد لنا هذا الأمر.
فأولاً- الكنيسة غرض محبة المسيح وعنايته ومسرته.
وثانياً- نجد في الكنيسة غرضاً يتناسب مع المسيح في محبته.
وثالثاً- نجد في الكنيسة رفيقاً قادراً على مشاركة المسيح في أمجاده الآتية للحكم، فكل ما يرثه العريس ترثه كذلك العروس. ولأنها تشاركه في آلامه في زمان رفضه ستشاركه في عرشه في زمان مجده وعندما يحكم المسيح في كل أطراف الأرض فإنها ستحكم معه.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
pola
مشرف
مشرف
pola


ذكر
عدد الرسائل : 240
العمر : 28
الدولة : egypt
تاريخ التسجيل : 13/05/2007

بطاقة الشخصية
نقاط التميز:
عروس الحمل Left_bar_bleue100/100عروس الحمل Empty_bar_bleue  (100/100)

عروس الحمل Empty
مُساهمةموضوع: رد: عروس الحمل   عروس الحمل Emptyالسبت يوليو 26, 2008 5:01 pm

المسيح وعروسه
أفسس5: 22 - 32

في هذا الجزء العملي من الرسالة إلى أفسس فإن الرسول يحرضنا للسلوك الذي يقود المؤمنين إلى تلك العلاقة العرسية. وهو إذ يفعل ذلك يرينا صفة هذه العلاقة الحميمة. فهناك علائق أخرى في الحياة كالوالدين والأولاد والإخوة والأخوات، ولكن لا تَرقَ أي علاقة من هذه إلى مستوى الرابطة الحميمة التي بين الزوج وزوجته. يقول الرسول « ويكون الاثنان جسداً واحداً » وأيضاً « يجب على الرجال أن يحبوا نساءهم كأجسادهم » إنه ينظر إليهما كواحد، ولذلك يُعلّق الرسول بأن الرجل الذي يبغض امرأته فهو يبغض جسده وهذا شيء لا يُسمع، ومن جهة أخرى من يحب امرأته يحب نفسه.


وعندما نواجه هذه التحريضات ونرى الصفة الحقيقية لتلك العلاقة بين الرجل وامرأته فإن الرسول يتحول في حديثه إلى تلك العلاقة الأبدية بين المسيح وكنيسته وهذا يقود إلى علاقة جميلة جداً تُستعلن في محبة المسيح لكنيسته ومنظور لها في رمز عروسه التي تمثلها حواء في جنة عدن وهي مثال واضح. ويستعرض أمامنا الرسول محبة المسيح التي بها يضمن عروسه لنفسه، فيمتلك العروس، والمحبة التي تتشكل بها لتناسبه، وفي النهاية يعد العروس بالمحبة التي بها يستحضرها لنفسه.

نقرأ أولاً: « أحب المسيح أيضاً الكنيسة وأسلم نفسه لأجلها » (ع25). إن مصدر كل بركة للكنيسة هي محبة المسيح التي لا تتزعزع. وقبلما تُستحضر الكنيسة إلى الوجود فإنه أحبها محبة كاملة، محبة إلهية، محبة أبدية. إنه لم يمت من أجلها أولاً وطهرها ثم بعد ذلك أحبها، ولكنه أحبها أولاً ومات لأجلها ثم بعد ذلك طهرها. ومحبته للكنيسة تطلبت أن يُسلم نفسه لأجلها. إنه لم يفعل لأجلها بعض الأشياء فحسب ولم يُسلم بعض الأشياء لأجلها ببساطة، ولكن محبته تخطت ما هو أبعد من ذلك- ما هو أبعد من فعل بعض الأشياء أو تقديم بعض الأشياء للكنيسة. فمحبته وصلت إلى الذروة إنه أعطى نفسه، بكل ما هو عليه في كمالاته الأدبية دون أي تراجع. إنه أعطى نفسه وليس من عطاء يفوق ذلك، وإذ أعطى نفسه للكنيسة فقد ضمنها لنفسه وامتلكها بحق شرعي كامل. إن الكنيسة موجودة فعلاً كنتيجة لعمل المسيح. إن المسيح اشترى الكنيسة لنفسه. ومع أن الزواج لم يتم بعد فإن العلاقة العرسية بين المسيح وكنيسته موجودة بالفعل. فالكنيسة ليست جماعة من الناس موضوعة تحت امتحان الوصايا لتطيع وتحفظ وبذلك تؤهل لتلك العلاقة، ولكن المسيح استحضرنا إلى علاقته بنفسه تماماً على أساس عمله الذي هو ثمرة محبته. إن مسئوليات الكنيسة وامتيازاتها تنساب من العلاقة الموجودة الآن. نحن نرتبط بالمسيح وهذا هو امتيازنا وذلك هو التزامنا لنكون له تماماً ولنكون ملكَه. ولا حاجة لنا أن نقول أن المسيح أمين في محبته التي لا تتغير مع أنه للأسف تفشل العروس كثيراً في تكريسها وتقواها للعريس.

وثانياً: بعدما رأينا محبة المسيح الذي بذل نفسه للكنيسة في الماضي، فإن الرسول يتكلم عن نشاط محبة المسيح لعروسه في الحاضر. إنه يخبرنا أن المسيح ضَمِن عروسه « لكي يقدسها مطهراً إياها بغسل الماء بالكلمة » إن المحبة التي ضمنت العروس بالموت في الماضي، مشغولة الآن بإعدادها للسعادة الفائقة لتكون معه في المجد. وقد جعلها العريس غرضاً مناسباً لمحبته وقادرة على التجاوب مع محبته. ولهذا الغرض فإن المحبة مشغولة بتقديس وتطهير العروس. إن التطهير ليس لسبب الارتباط به ولكن لسبب أننا ملكه، ولكوننا ملكُه فإنه يجعلنا مناسبين له ولابد أن تكون عواطفنا مكرسة له بالتمام ومتطهرة من كل ما يضاده.

والوسائل المستخدمة في ذلك هي « غسل الماء بالكلمة ». ويُعبّر الرب بذلك في صلاته للآب عندما صلى: « قدسهم في حقك كلامك هو حق.. ولأجلهم أقدس أنا ذاتي ليكونوا هم أيضاً مقدسين في الحق ». إن الرب أفرز نفسه في السماء لكي نتطلع إليه مثل اسطفانوس من السموات المفتوحة ونجد في المسيح الذي في المجد غرضاً مقدساً. وإذ نتطلع إليه في المجد نرى ما يريدنا أن نكون عليه ونرى مجد ربنا الذي نتغير إليه إلى ذات الصورة من مجد إلى مجد وعندئذ نتحقق القوة التي تنقلنا إلى الغرض الكامل، كما أن « الكلمة » وهي التي توجه أبصارنا إلى المسيح تعطينا إعلاناً حقيقياً عن كمالات ذاك الذي نتطلع إليه فلا نُترك إلى حاسيات وخيالات قلوبنا، ومن جهة أخرى فإن الكلمة تفحصنا وتديننا بالداخل كما تفعل ذلك أيضاً فيما حولنا لكل ما هو مضاد للمسيح وللمكان الذي يتخذه.

وهنا نجد قيمة « الكلمة » التي يستخدمها لتطهير الكنيسة. وأي ثقة لنا عندما نطبق الكلمة على نفوسنا، أو عندما نقوم بخدمة الكلمة بعضنا لبعض! ويا لها من ثقة إذ نستخدم ما يستخدمه هو بنعمته.

وفي ضوء هذا النص الكتابي نكتشف ما ينشغل به المسيح الآن وهو في مكانه بالسماء، وهذا يصبح تحدياً قوياً لقلوبنا لنعرف ما نحن مشغولين به هنا. وفي الجزء العملي من الرسالة تظهر محبة المسيح لعروسه ويقصد هنا بالتأكيد أن يجعلها ذات تأثير عملي على حياتنا. والسؤال لجميعنا الآن هل نحن أمام قلوبنا كما يريدنا المسيح له؟ أنرغب أن نكون مناسبين له وقادرين على التمتع والتجاوب بمحبته الآن، حتى في وقت غيابه نكون أمناء للمسيح كعروس تنتظر عريسها الغائب.

وثالثاً: فإن النشاط الحاضر لمحبة المسيح لعروسه يكون بالنظر لما هو مستقبل « عُرس الخروف » عندما يستحضر الكنيسة لنفسه كنيسة مجيدة « لا دنس فيها ولا غضن ولا شيء من مثل ذلك بل تكون مقدسة وبلا لوم ». ليس فقط أن الكنيسة ستصبح هكذا في المجد ولكنها ستكون « مجيدة ». ستصبح مثل المسيح وستكون مؤهلة لحضرته المجيدة. ولذلك فإنه يضمن عروسه بنفسه. إنه أعدّها لنفسه وسيُحضرها لنفسه، ومحبته هي ينبوع دائم للجميع فكما أن محبته بدأت في الصليب فإن المحبة تكتمل في المجد.

وعلى كلٍ فإننا نجد حقاً هاماً يخص المسيح وكنيسته في هذا الجزء التعليمي، فالرسول يخبرنا بأن المسيح يطعم كنيسته ويدللها، فهو يتعامل معنا « كأعضاء جسده من لحمه ومن عظامه ». وهذا يستحضر أمامنا حقاً ثميناً آخر يختلف عما كنا نتأمل فيه. رأينا أن المسيح يؤهل عروسه للسماء، ونتعلم هنا أنه يعتني أيضاً بعروسه على الأرض. إن التقديس والتطهير يكونان بالنظر لاستحضارها في المجد، أما الإطعام والتدليل فيكونان بالنظر لرحلة السياحة على الأرض. إن محبته لا تتطلع فقط إلى المجد بل تلاحظنا إذ نعبر في هذا العالم المظلم، الذي هو غائب عنه، في طريقنا إلى المجد. إنه يعرف الظروف المحيطة بنا والتجارب التي نواجهها وضعفاتنا وعثراتنا، وفي هذه جميعها يعتني بنا ويسدد أعوازنا ولهذا يُطعمنا. ولكنه أيضاً يدللنا فهو لا يغطي احتياجاتنا فقط ولكنه يفعل ذلك كمن يُعزهم إذ يرى غلاوتهم الشديدة أمامه.

ولكي يعطينا إحساساً بغلاوتنا في نظره- أي قيمة الكنيسة أمامه- فإنه يتحدث عنا كأعضاء جسده من لحمه ومن عظامه. وكأنه يرانا مثل نفسه، فجسد الإنسان هو جزء منه. فهو إذ يعتني بكنيسته فإنه يعتني بنفسه ولذلك أمكنه أن يقول لشاول « لماذا تضطهدني؟ » كان شاول يضطهد الكنيسة فعلاً ولكنه كان يضطهد المسيح أيضاً.

يا له من أمر ثمين كما قال واحد إن الأعواز والضعفات والمشكلات ومتاعب الكنيسة تصبح فرصاً للمسيح ليُظهِر تدريبات محبته. فالكنيسة تحتاج أن تُطعَم مثل أجسادنا تماماً وهو يطعمها إنها غرض عواطفه الرقيقة فيعزّها. فإذا كانت النهاية هي السماء فالكنيسة لا تُترَك وحيدة هنا، إنها تتعلم محبته لأن قلبها في عوز لتلك المحبة. إنها ستتمتع به تمتعاً كاملاً عندما تنتهي الأعواز إلى الأبد
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
pola
مشرف
مشرف
pola


ذكر
عدد الرسائل : 240
العمر : 28
الدولة : egypt
تاريخ التسجيل : 13/05/2007

بطاقة الشخصية
نقاط التميز:
عروس الحمل Left_bar_bleue100/100عروس الحمل Empty_bar_bleue  (100/100)

عروس الحمل Empty
مُساهمةموضوع: رد: عروس الحمل   عروس الحمل Emptyالسبت يوليو 26, 2008 5:02 pm

العروس في مقاصد الله

تكوين2

في النص السابق الذي كنا نتأمل فيه أفسس5 وجدنا أنه ينتهي باقتباس من تكوين2، إذ نقرأ بعدما صنع الله حواء وأحضرها إلى آدم « لذلك يترك الرجل أباه وأمه ويلتصق بامرأته ويكونان جسداً واحداً ». وبعدما يقتبس هذا النص فإن الرسول في أفسس5 يضيف « هذا السر عظيم ولكنني أنا أقول من نحو المسيح وكنيسته ». وهذا يعطينا الدليل المؤكد للقول بأن آدم وحواء هما صورة جميلة للمسيح وكنيسته.

وفي جنة عدن حيث وُضعت كل الترتيبات الإلهية فإننا نتعلم ليس فحسب ما في قلب الله من نحو الإنسان، بل أيضاً ما في قلب الله من نحو المسيح. فآدم ليس هو رجل مقاصد الله ولكنه كان مثالاً للآتي. وحسناً نتساءل لماذا أوجد الله هذه الأرض بكل ما فيها من مخلوقات عجيبة؟ ونجد الإجابة الإلهية فيما قد أُعلن لنا الآن عن سر المسيح والكنيسة، وفي الصورة الرمزية ما نجده في الجنة عندما أكمل الخليقة وقبل دخول الخطية فإجابة الله هي المسيح وشبع قلبه. وهذا صحيح فالكنيسة كانت في مشوراته قبل تأسيس العالم لأن فكرة الكنيسة تعود بنا إلى قصد الله الأزلي وتسير بنا إلى الأبدية. إنها ترتبط بالأزل والأبدية. صحيح أن الزمان والخلق يستحضران الكنيسة إلى الوجود. وإن كانت الخليقة هي أولى أعمال الله في الزمان أما الكنيسة فهي أولى مشورات الله، كما نجد ذلك في أفسس3، إذ نقرأ أن الله « خالق الجميع بيسوع المسيح لكي يُعرّف الآن عند الرؤساء والسلاطين في السماويات بواسطة الكنيسة بحكمة الله المتنوعة حسب قصد الدهور الذي صنعه في المسيح يسوع ربنا ». وإن كانت الكنيسة قد تكونت ولكن « السموات والأرض الكائنة الآن" فستمضي في وقت لاحق أما الكنيسة فستبقى لمجد الله ولشبع محبة المسيح إلى دهر الدهور.

وبينما نرى المسيح والكنيسة أمامنا بصورة رمزية فعلينا أن نتذكر أن حواء تمثل الكنيسة كعروس المسيح. وكما رأينا أن هناك أوجه أخرى للكنيسة ولكننا في هذه الزاوية نجد أسمى وأعلى مركز للكنيسة فهي القريبة لقلب الله والعزيزة على قلب المسيح. ونتعلم أن الله قصد أن يضمن غرضاً يتناسب تماماً مع محبة المسيح. ولا نرى في الكنيسة كعروس أنها فحسب جماعة من الناس وجدت في المسيح غرضاً كافياً لإشباع قلوبهم، بل إنهم جماعة من الناس قد صاروا غرضاً كافياً لمحبة المسيح، وهذا هو الأمر العجيب والمبارك للكنيسة باعتبارها عروس المسيح. قليلاً ما نتعجب أن تجد الكنيسة في المسيح غرضاً للمحبة، أما أن تصبح الكنيسة غرضاً كاملاً يجد فيه المسيح محبته فهو حقاً ما يدهشنا كثيراً.

بهذه الفكرة العظيمة يفتتح الله كتابه وبهذه الفكرة العظيمة أيضاً يختمه. وما بدأه الله لا يتخلى عنه. ويُفتَتح سفر التكوين بالصورة التي تكتشف فكر قلبه، ومع أن الخطية والموت أفسدتا خليقة الله، وطوال التاريخ المحزن لفشل الإنسان وخراب الكنيسة تحت المسئولية فإن الصورة تشوهت وضاعت، ولكن في النهاية هذه الفكرة العظيمة لله تبرز إلى النور وفي السفر الختامي للكتاب يُسمح لنا مرة أخرى أن نرى يسوع يُسرّ بعروسه والعروس منتظرة يسوع.

وعندما نتطلع بإيجاز إلى الصورة في تكوين2 نرى في الجزء الأول من الإصحاح وصفاً لجنة المسرات التي أعدها لله للإنسان. و"عدن" تعني « مسرة ». إنها مسرة الله أن يمد خليقته بما يجعلهم مسرورين ولهذا نجد في الجنة « كل شجرة شهية للنظر" فهو يوفر كل ما هو جميل. وهناك كل شجرة « جيدة للأكل" لتسديد كل حاجات الإنسان. وأيضاً شجرة الحياة ليمنح الإمكانية للتمتع بهذا المشهد، وهناك أيضاً شجرة الخير والشر وما يصاحبها من منع. فكل ما جنة المسرات هذه للتمتع طالما كانت هناك العلاقة القائمة مع الله والمُعبّر عنها بالطاعة لله.

هذا المشهد الجميل الذي صنعه الرب، قد وضع فيه الإنسان ليعمل ويحفظ هذه الجنة. وبالرغم من جمال الجنة لكنها افتقرت إلى الكمال ولهذا السبب صار آدم وحيداً. كان كل ما يحيطه كاملاً، ومركزه متفوقاً فهو أعلى من كل الخليقة الوضيعة- ولكنه كان وحيداً، وليس حسناً أن يكون آدم وحده. كان كل شيء هناك بمسرة عينيه، وكل شيء هناك لحفظ حياته، وكانت لديه القدرة ليتمتع بكل ما يحيط به، ولكن في جميع هذه المشاهد الجميلة والكثيرة لم يكن هناك غرض لإشباع قلبه، ففي كل الأشياء المحيطة به العظيمة والوضيعة لم يكن هناك منها ما يتجاوب مع محبة قلبه فقد كان وحيداً.

ولكن يبرز أمام نفوسنا مشهداً آخر، إنه ظل جميل لمشهد للبيت الأبدي الذي لا يمكن أن تدخل إليه الخطية. فمع أن الجنة كانت في حد ذاتها كاملة ولكنها قابلة لدخول العدو فيها ونعلم كيف دخل إليها العدو سريعاً واستحضر الخطية والموت والخراب إلى جنة المسرات هذه، غير أن البيت الذي كانت الجنة تشير إليه ليس فقط هو مكان الكمال الأبدي والمسرات الأبدية ولكن أيضاً لا يمكن للعدو أن يدخل إلى هناك ولا القدمين التي لوثتهما الخطية أن تعبر إليها، فهو مشهد لا يقترب منه الموت ولا الحزن ولا الصراخ ولا الوجع. هذه الأشياء ليست هناك ولا يمكن أن تدخل إليه لأنها عبرت بعيداً. ولكن يسوع هناك وابن الإنسان في مركزه الفائق في دائرة هذا المجد، أفلا نقول إنه يكون هناك ليعملها ويحفظها فإن كل بهاء وزينة هذا المشهد وضمانها الأبدي إنما هو نتيجة عمله.

لا تُربة قد أفسدتها بذور خبث أو شرور *** أو لمسـة الإنسان غاشمةٌ لتقلع الزهـور

لا شيء يسلبنا الصفاء ويمنع الخير الكثير *** في ذلك الوطن الذي بالخير يغمره السرور

فكـل ما يجذبنـا أو يسبي فينـا النظـر *** حلـوٌ جميـلٌ طاهـرٌ يشد فينـا الوتـر

كـل النسيم حولنا أنفـاسه عطـرٌ سرى *** يقول أن بوسطنـا يسـوع سيـد الورى



ولكن لو ظل آدم وحده هناك تُرى هل كان يصبح قلبه مكتفياً ومسروراً؟ وهل نكون نحن في اكتفاء إذا وجدنا أنفسنا في مشهد الكمال الأبدي والقداسة التامة ويسوع ليس هناك؟ وهل يكون هو مكتفياً إن كنا لسنا هناك؟ إن مهد الكمال الأبدي لن يُشبع القلب. فكما أنه لابد أن يكون هو الغرض أمام قلوبنا، أفلا بد أن نصبح نحن الغرض أمام قلبه؟ ولكن كيف يصبح هذا الغرض مضموناً؟ هذا ما نتعلّمه في الصورة التي أمامنا إذ نجد الطريقة التي أمدّ الله بها معيناً لآدم.

أولاً نتعلم أن الشخص الذي سيصبح معيناً يجب أن يكون « نظيره" أو « مثله ». وعلينا أن نقرأ الكلمتين الأخيرتين التي ترد في عدد18. فالشخص الذي يمكن أن يشبع قلب آدم يجب أن يكون نظيره وله ذات الأفكار والعواطف وقادر أن يتجاوب مع محبته. لأن المحبة فقط هي التي بمقدورها أن تكتفي بغرض تتجاوب مع محبته.

ولقد عبرت الخليقة الدنيا أمام آدم ودعاها بأسمائها- لا بأسماء وهمية، فالاسم في الكتاب يمثل الخاصية المميزة لمن تسمّى. وفي تسمية آدم للحيوانات نرى أن آدم كانت له معرفة تامة بالحيوانات، ولكن مع هذه المعرفة الكاملة فقد فشل أن يجد لنفسه معيناً نظيره. وليست في كل الخليقة الدنيا ما يجد من يشاركه أفكاره أو يحس بأحاسيسه أو من يتجاوب مع محبته، إذ كان في أعلى مستوى بما لا يقاس عن كل الخليقة الحيوانية.

ولكن ما يُعد نظيره كان يلزم من التدخل الإلهي، وبهذا التدخل تتضح لنا ثلاثة أشياء:

أولاً- حواء أُخذت من آدم

ثانياً- حواء صُنعت لآدم

ثالثاً- حواء استُحضرت لآدم

وهنا نرى ثلاث حقائق عُظمى أمامنا في أفسس5. فأولاً إذا كانت حواء نظيره فلابد أن تؤخذ من آدم. كان لابد له من النوم العميق ويؤخذ الضلع من آدم والتي بُنيت المرأة منها. هكذا أيضاً المسيح لكي ما يقيم عروساً له- عروساً نظيره وتتجاوب مع محبته فلابد أن تؤخذ منه حقاً. كان لابد له أن يدخل في نوم عميق وهو نوم الموت وإلا بقي وحده « إن لم تقع حبة الحنطة في الأرض وتمت فهي تبقى وحدها « إن جعل نفسه ذبيحة إثم يرى نسلاً (أو نسله) ». نسله لابد أن يكون نظيره وهو نتيجة موته، والمحبة هي التي كانت وراء موته إذ نقرأ « هكذا المسيح أيضاً أحب الكنيسة وأسلم نفسه لأجلها ».

ثم نقرأ إذ أخذ الضلع من آدم، أنه « بنى الرب الإله الضلع التي أخذها من آدم امرأة ». وبالارتباط مع الكنيسة أفليس هذا العمل هو الذي يجري حالياً في الوقت الحاضر بالروح؟. فإذا كان بموت المسيح أصبحت العروس وهي نظيره في أمان، فإنه في الوقت الحاضر بعمل الروح فإن عواطفنا ترتبط بالمسيح، وكنتيجة أيضاً لعمل المسيح الآن في تقديسه وتطهيره لنا بغسل الماء بالكلمة. إن قلوبنا تتأثر بقوة محبة المسيح، والعواطف العرسية تتكون بسبب تكريس عواطفنا لنفسه وتطهيرنا من كل ما لا يتفق مع عروس حقيقية وعفيفة.

وفي النهاية تُستحضر العروس. لقد أُحضرت حواء إلى آدم وقال آدم « هذه الآن (بالمباينة مع الوقت الذي عبرت أمامه الحيوانات) عظم من عظامي ولحم من لحمي. هذه تدعى امرأة لأنها من امرءٍ أُخذت ». ويجد آدم في النهاية « نظيره ». وهكذا أيضاً سيأتي اليوم عندما تُستحضر الكنيسة وهنا نرى ثلاث حقائق عُظمى أمامنا في أفسس5. فأولاً إذا كانت حواء نظيره فلابد أن تؤخذ من آدم. كان لابد له من النوم العميق للمسيح « كنيسة مجيدة لا دنس فيها ولا غضن ولا شيء من مثل ذلك بل تكون مقدسة وبلا لوم ». إنها منه شخصياً ولذلك فهي نظيره، وهي تتشكل في عواطفه بعمله في تقديسها وتطهيرها بعمل الكلمة ولذلك يمكنها أن تتجاوب مع محبته. وطوال الأبدية سيصبح للمسيح عروسه، إنها منه شخصياً ولذلك فهي نظيره، إنها تتشكل في عواطفه بعمله فيها لتقديسها وتطهيرها بالكلمة ولذلك يمكنها أن تتجاوب مع محبته، قادرة أن تفكر مثله وتشعر بشعوره وتحب كما يحب. ولذلك فهي صارت كاملة لتتوافق مع غرض محبته، عندئذ يصبح المسيح مكتفياً وسيرى من تعب نفسه ويشبع.

ما أمجـد اليـوم الذي فيـه تُتَمـم الوعـود *** حيث العريس والعروس يُرون في العرس المجيـد

تزدان أرجـاء السماء ويُعزَفُ اللحن السعيـد *** وتشبـع المحبـةُ بذلـك الحــب الشديــد.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
pola
مشرف
مشرف
pola


ذكر
عدد الرسائل : 240
العمر : 28
الدولة : egypt
تاريخ التسجيل : 13/05/2007

بطاقة الشخصية
نقاط التميز:
عروس الحمل Left_bar_bleue100/100عروس الحمل Empty_bar_bleue  (100/100)

عروس الحمل Empty
مُساهمةموضوع: دعوة العروس   عروس الحمل Emptyالسبت يوليو 26, 2008 5:08 pm

دعوة العروس

تكوين24

الإصحاح الرابع والعشرون من سفر التكوين له تأثير عميق على المسيحي إذ تتضح فيه الصورة الإلهية لمشغولية أقانيم اللاهوت في أيامنا الحاضرة هذه.

إن المشغولية بالخدمة والسهر الدائم ضد العدو والصراع لأجل الحق، مما تستلزمه حاجة العالم وازدياد فساد المسيحية وفشل شعب الله، كثيراً ما يستحوذ على أفكارنا، وفي مرات عديدة ننسى ما يمكن أن يعمله الله بالرغم من قوة العدو والتشويش والفشل. ولا شك أنها رحمة ليست قليلة أن يهبها هذه الصورة الجميلة لنرى أغراض الأقانيم الإلهية وعمل كل منهم. ولذلك فعندما نغض الطرف عن الإنسان وفشله فإن نفوسنا تُسّر بالله وبغرضه، ونهدأ ونستريح إذ نتيقن بأن مقاصد الله لابد وأن يتممها بالرغم من الفشل والمقاومة.

ولكي ما نعي التعليم الرمزي لهذا الإصحاح فلابد أن نفهم الارتباط بين هذا النص وما يسبقه وما يليه من إصحاحات. إن إصحاح24 يمثل جزءاً من ختام فصول حياة إبراهيم الذي يبدأ من إصحاح22 وينتهي بإصحاح25 وعدد10. فالأجزاء الأولى ترينا حياة الإيمان لإبراهيم كفرد ولكن في الفصول الأخيرة نرى طرق الله التدبيرية. في ص22 يُقدّم إسحق ويقبله إبراهيم خارجاُ من الموت رمزياً- وهو مثال لموت وقيامة المسيح. وبعد تقديم اسحق نرى في ص23 موت سارة وإبراهيم « كغريب ونـزيل » (ع24) في أرض مصر وكل هذا رمز لاستبعاد إسرائيل كأمة بعد موت المسيح مع أن لها الموعد. وفي دعوة رفقة ص24 نجد رمزياً دعوة الكنيسة كعروس المسيح أثناء استبعاد إسرائيل. وفي 25 تُستكمل الصورة بزواج إبراهيم واستحضار أبناء الزوجة الثانية وهذا رمز لرجوع إسرائيل والبركة الألفية للأمم.

ولنحضر أفكارنا الآن في ص24، إذ نرى صورة للسر العظيم للمسيح وكنيسته. نجد قصد الله والطريق الذي يتخذه لتتميم هذا القصد. وعلى كل حال فلنضع في أفكارنا أن قصد الله يرتبط بالكنيسة منظوراً لها كعروس المسيح. وكما رأينا أن هذا الوجه من الكنيسة يستحضر قصد الله الذي فيه يقيم غرضاً كاملاً ومتناسباً لمحبة المسيح. وفي هذه الصورة نرى دعوة العروس، وزينة العروس التي تحلّت بها، واستحضار العروس للعريس وهي في تمام المناسبة لنفسه. إن هذا التوافق الأدبي مع قلب المسيح والتجاوب مع محبة المسيح هي الأفكار البارزة التي تميز الكنيسة كعروس.

كنا قد رأينا حواء في الخليقة وهي تتكلم عن عروس المسيح. أما اسحق ورفقة فبعد ثمانية عشر قرناً تتحدث مرة أخرى عن قصة المسيح وعروسه. إن هناك اختلافاً بينهما فليس في الكتاب مجرد تكرار، ففي حواء نرى عروساً كنتيجة كاملة لعمل إلهي الذي كوّنها وأحضرها إلى آدم. أما في رفقة فنرى تدريب العواطف لدى العروس والمحبة في نشاطها كما يستحثها العبد. فإن كانت حواء تخبرنا عن عمل إلهي لإحضار العروس فإن رفقة تتحدث عن عمل إلهي في العروس.

يُفتتح الإصحاح بالوصايا التي يعطيها إبراهيم لعبده (ع1- 9) والفكرة الرئيسية في الإصحاح تدور حول العبد وإرساليته (ع 10- 61) وفي النهاية يختم باسحق ومحبته لرفقة (ع62- 76). وبهذه الصورة الرمزية نجد في الجزء الأول الآب وقصده، وفي الجزء الثاني الروح القدس وعمله، وفي الجزء الأخير المسيح وعواطفه. ولذلك نرى بالرمز مشغولية كل أقنوم من أقانيم اللاهوت لضمان العروس.

نتعلم أولاً أن فكرة العروس لإسحق نبعت أساساً من إبراهيم، فهو الذي يبدأ القصة في تكوين 24. إنه يعلن فكره عن عروس لإسحق ويوصي عبده ويرسله في طريقه. ولذلك نتعلّم أن فكرة عروس للمسيح نبعت من مقاصد قلب الآب. إنه أيضاً هو الآب الذي أرسل الروح لاستحضار العروس للمسيح (يوحنا14: 26).

والعدد الثاني يستحضر أمامنا ذاك الذي بدوره النشيط يُكوّن الجزء البارز في القصة « عبده كبير (أو شيخ) بيته ». وفي تمام المناسبة أن لا يُذكر اسمه أفليس في ذلك رمزاً للروح القدس الذي أتى، إنه لا يتكلم من نفسه بل يأخذ مما للمسيح ويخبرنا؟.

إن أعمال ونشاط الروح القدس في هذا العالم كثيرة ومتنوعة، ولكن في هذا الإصحاح فإن الروح القدس يُستحضر كمن يأتي بالعروس إلى النور، ميقظاً عواطف العروس بإعلان أمجاد المسيح، ثم مُشبعاً تلك العواطف بقيادتها للمسيح.

إن التوجيهات التي قيلت للعبد لها أهمية بالغة وغنية بالتعليم لنفوسنا:

1-إن عروس اسحق يجب أن تتناسب مع اسحق ولذلك لا يجب أن تؤخذ من بنات الكنعانيين (ع3) فمثل أولئك هم تحت الدينونة ولذلك فالأمر لا يتناسب مع اسحق كلية. وهذا يرينا أن التعامل مع رفقة ليس هو بالضبط صورة لنعمة الله التي تستحضر الخلاص للخطاة بل بالحري محبة المسيح المتجهة للقديسين. ليست المسألة هنا نعمة الله التي تدرك أشر الخطاة وإلا كانت بنات الكنعانيين هن اللواتي كان يجب أن يُرسل إليهن العبد لتبليغ قصة الإنجيل،وهذا يتضح فيما بعد عندما اتخذ الله المرأة الكنعانية من صرفة صيدا لإظهار نعمته.

2-وبالتالي فإذا كان يجب أن تصبح العروس مناسبة لإسحق فيلزم أن تكون من عشيرة إسحق، وهكذا كان التوجيه للعبد « بل إلى أرضي وعشيرتي تذهب وتأخذ زوجة لابني اسحق » (ع4). لقد لاحظنا من قبل أن التي كانت مناسبة كعروس لآدم لا بد أن تكون نظيره، ولكن ما تكون هذا النظير كان لا بد أن يجتاز آدم نوماً عميقاً، وهكذا كان اسحق بالرمز يجتاز الموت- إذ يُقدّم على جبل المريا- قبلما يضمن عروس من أرام النهرين. كذلك المسيح الشخص العظيم المرموز إليه، حبة الحنطة الثمينة. كان يجب أن يقع في الأرض ويموت وإلا صار وحيداً إلى الأبد، عندما صارت نفسه ذبيحة إثم فنقرأ « يرى نسله ». الموت الذي يقطع الإنسان من كل رجاء في النسل، هو بعينه صار الطريق الذي يضمن به المسيح نسله. ونسله يصبح نظيره وعشيرته، وكما هو السماوي هكذا السماويون أيضاً. ولذلك نرى عروس المسيح تتألف من أولئك الذين صاروا مناسبين له بواسطة العمل الإلهي لإحضارهم هكذا في علاقة بالمسيح كعشيرته من خلال العمل الإلهي فيهم. وأمكن للرب وهو على الأرض أن يقول « أمي وإخوتي الذين يسمعون كلام الله ويعملونه » (لوقا8: 21).

3-ويحذر إبراهيم العبد مرتين بألا يرجع بإسحق مرة أخرى إلى أرام النهرين (ع6و Cool. وإسحق في هذا الإصحاح يرسم أمامنا المسيح السماوي. وبعد تقديم إسحق في ص 22 لا يُذكر اسمه حتى نهاية ص 24. وكما أن إسحق لا يعود يرتبط بأرام النهرين، هكذا ليس هناك ارتباط بين المسيح والعالم إذ أن المسيح في الأعالي والروح القدس هنا يدعو العروس للمسيح السماوي. ولكن وآسفاه فقد فقدت المسيحية تماماً اليوم كل فكر حقيقي عن المبادئ المسيحية، وصار عملها الأساسي أن تربط المسيح بالعالم الذي قتل المسيح. وإذ جهلوا الحقيقة بأن المسيح هو الحجر الذي رفضه البناؤون من هذا العالم، فإنهم يسعون أن يجعلوا المسيح هو حجر الزاوية لأنظمتهم الدينية الأرضية العظيمة، وقد ربطوا اسمه بأبنيتهم الدينية الفاخرة ووسائل الإصلاح وأعمال الخير للإنسانية وأنظمة الحكم. وبالاختصار فإنهم يعملون مجهودات جبارة لإرجاع المسيح إلى العالم وربط اسمه بالمخلصين وغير المتجددين من هذا العالم بأمل إصلاح الناس وجعل العالم الذي يعيشون فيه مكاناً أفضل وأكثر إشراقاً. وليس من صعوبة مثل محاولة تغطية صفات الشر التي يتصف بها العالم باحترام خارجي وربط هذه المحاولات باسم ذاك الذي رُفض وسُمّر على الصليب.

وعلى كل حال فإن المؤمن المتعلم في كلمة الله يعرف من تعليم العهد الجديد ومن رموز العهد القديم أن الروح القدس هنا لا لكي يُحضر المسيح إلى العالم بل ليأخذ عروساً من هذا العالم للمسيح، فنقرأ: « كيف افتقد الله أولاً الأمم ليأخذ منهم شعباً على اسمه » (أع15: 14).
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
pola
مشرف
مشرف
pola


ذكر
عدد الرسائل : 240
العمر : 28
الدولة : egypt
تاريخ التسجيل : 13/05/2007

بطاقة الشخصية
نقاط التميز:
عروس الحمل Left_bar_bleue100/100عروس الحمل Empty_bar_bleue  (100/100)

عروس الحمل Empty
مُساهمةموضوع: رد: عروس الحمل   عروس الحمل Emptyالسبت يوليو 26, 2008 5:09 pm

4-وفي النهاية قال إبراهيم « الرب إله السماء.. يرسل ملاكه أمامك » (ع7). فالملاك كان عليه أن يوضح الطريق أمام العبد، أما العبد فكان عليه أن يتعامل مع العروس « تأخذ زوجة لابني ». وكل من العبد والملاك كان مشغولاً في ضمان العروس لإسحق. وفي يوم آتٍ نعلم أن جماعة عظيمة من الملائكة ستُجري القضاء في العالم، ولكنهم اليوم مرسلون للخدمة لأجل العتيدين أن يرثوا الخلاص. ومن جهة رمزية تتضح لنا تلك الحقيقة الاختلاف بين عمل الملائكة تدبيرياً والعمل الشخصي للروح القدس. قاد ملاك الرب فيلبس في طريقه إلى صحراء غزة أما الروح فقاد فيلبس لكي يتعامل شخصياً مع الخصى (أع8: 26و 29).

ومن الواضح أن التوجيهات المعطاة من إبراهيم إلى عبده نتعلم منها الإرسالية العظمى للروح القدس في هذا العالم. إنه ليس هنا لكي يجعل المسيحي مزدهراً في شغله أو يجعلنا أثرياء في هذا العالم أو لجعل العالم مكان راحة لنا. إنه ليس هنا لإزالة اللعنة أو لتسكين أنين الخليقة. إنه ليس هنا لكي تفرح البرية وتزهر كالنرجس، لم يأتِ لإزالة الألم والموت والحزن والدموع فكل هذا سيفعله المسيح في يوم قادم، وليس هو هنا لكي يجدد العالم كما يظن البعض. ولكنه هو هنا لكي يستحضر إلى النور أولئك الذين هم مناسبين للمسيح لفرح وشبع قلبه.

وبحسب التعليمات المعطاة للعبد لم نجده يتدخل في الأحوال السائدة في أرام النهرين. لم يحاول أن يبدل ديانتها أو يُحسن أحوالها الاجتماعية أو يتدخل في حكومتها. كان عمله الوحيد أن يضمن عروساً لإسحق وكم سيجعل شعب الله يودع القنوط والفشل إذا تحققوا من غرض الله العظيم في الوقت الحاضر والإرسالية الخاصة للروح القدس في هذا العالم.

وغالباً ما يُحبط المؤمنون إذ يرغبون أن يعملوا عملاً عظيماً للرب فيجدوا أنفسهم متروكين لعمل هادئ في ركن خفي فيصيبهم الإحباط. وقد يشعروا بهذا الإحباط أيضاً عندما يجدوا أنفسهم سائرين في رفقة قليلة من القديسين. إنهم يأملون من الله في تجديد عدد كبير وأن تصبح مجموعتهم الصغيرة لها شهرة كمركز للبركة مع مصادقة الرب العلنية ولكنهم بدلاً من ذلك يجدون الضعف والفشل حتى مع هذه المجموعة الصغيرة. وهكذا أيضاً نفشل مع شعب الله عموماً. وربما تكون لنا رؤى لتجميع هذه الكِسَر الممزقة من شعب الله للسير في الوحدة والمحبة ولكننا نجد بدلاً من ذلك النـزاعات والتفسخ فتزداد إحباطاً.

وربما يضع شعب الله آمالاً عظيمة على العمل التبشيري. فبعد قيام آلاف الإرساليات التي عملت في كل بقاع العالم فإنهم توقعوا هدم حصون الوثنية وغيرها أمام نور المسيحية ولكنهم وجدوا أن هذه الأنظمة الخاطئة يصعب أن تمسها وهكذا يشعر المؤمنون بالإحباط.

ومرة أخرى ظن آخرون أنه بعد تسعة عشر قرناً من نور المسيحية فإن العالم سيرتقي أدبياً، ولكنه بدلاً من ذلك يرون مجتمعاً فاسداً يسود فيه الشر وغير مستقر عموماً ولذلك يفشلون.

ولكن لو تباعدنا عن أفكارنا الشخصية وارتقينا إلى الفكر الإلهي فلن نُحبط. فتوقعاتنا غالباً ما تكون محدودة للغاية ونظرتنا أيضاً مقيدة. ونحن نفكر في اللحظة الحاضرة ونتطلع إلى الأشياء المنظورة، ولكن ليتنا نتطلع إلى ما وراء الليل المظلم البهيم ونحيي اليوم الآتي. ولننظر إلى الغاية العظمى لعمل الله خارج حطام هذا العالم وخرابه. إنه يضمن عروساً تكون مناسبة لمحبة المسيح. ويا له من فكر عظيم أن روح الله هنا يُنشئ تلك العواطف العرسية في قلوب المؤمنين بالنظر إلى ذلك اليوم- اليوم العظيم- يوم عرس الخروف.

ولهذه الغاية يرسل الآب الروح، ولهذه الغاية يعمل الروح في الأرض. ولهذه الغاية ينتظر المسيح في السماء. فهل يفشل الآب والابن والروح في هذه الغاية العظمى؟ وهل تُحبط الأقانيم الإلهية في تحقيق غرضها العظيم؟ مستحيل! إن كل أغراض الله لها تتميمها المجيد. ونحن لن نفشل إذا كانت لنا أفكار الله مع الله ونحفظ غرض الله العظيم وهو عرس الحمل.

نأتي إلى الجزء الثاني من الإصحاح (ع10- 61) إذ نجد تعليماً عميقاً في الطريق الذي سلكه العبد لتتميم إرساليته فقد أتى إلى أرام النهرين وهو مجهز تجهيزاً تاماً لخدمته « وجميع خيرات مولاه في يده » (ع10) مذكراً إيانا أن الروح القدس قد أتى ليعلمنا « كل شيء » ويقودنا إلى « كل الحق » ولكي ما يرينا « كل الأشياء التي لدى الآب ».

وعندما وصل إلى أرام النهرين فإن العبد يقوم بإرساليته بالاعتماد على الله ولذلك رأيناه يصلي. وترينا صلاته كيف أنه كان منحصراً في غرض واحد. إنه لم يصلي لأجل نفسه ولم يذكر بنات أهل كنعان في صلاته. ولكنه صلّى أن يُقاد إلى تلك التي تعيّنت لإسحق. وجيد أن نلاحظ أن العبد لم يكن هناك ليختار عروساً من بنات المدينة فيجعلها مؤهلة لإسحق بل إنه كان هناك ليجد من تعيّنت لإسحق. والعلامة لكونها المُعيّنة أنها تتصف بالنعمة. وهذه هي قوة الصلاة « فليكن أن الفتاة التي أقول لها أميلي جرتك لأشرب فتقول اشرب وأنا أسقي جمالك أيضاً هي التي عيّنتها لعبدك اسحق » (ع14). إنه طلب من الله أن يُسمح له بالشرب من جرتها فإذا لم تكتفي بطلبه هذا بل تطوعت لأن تفعل أكثر من ذلك فهذه هي العلامة على أنها تميزت بخصائص نعمة الله. فهذا هو عمل الله فيها، ولذلك حُسبت من عشيرة اسحق. فالنعمة تتجاوز أكثر من طلبنا (مت5: 38- 42).

وحدث أن رفقة التي هي من عشيرة اسحق أنها أُحضرت إلى النور. وإذ وجدنا العروس المعينة فإن العبد ميّزها عن الجميع بأن ألبسها الخزامة والسوارين الذهب. فاليد والوجه تشهدان لنعمة الله (ع22).

وكانت هذه فقط هي بداية عمل العبد، فلم ينطق بكلمة بخصوص اسحق. إن إبلاغ الرسائل يعتمد في الدرجة الأولى على الترحيب المُقدّم للعبد، فإذا رُحّب به فإنه سيتكلم إليهم عن اسحق، ولن يفرض ضيوفه على رفقة « هل في بيت أبيك مكان لنا لنبيت؟ » (ع23).

أما إجابة رفقة فكانت مباركة جداً وتعلو فوق طلب العبد. إنه طلب فقط « مكان » ولكنها قالت عندنا « طعام (أو مؤونة) كثير ومكان » (ع25). وأمكن للإبان أن يقول أيضاً للعبد « ادخل يا مبارك الرب لماذا تقف خارجاً؟ » ولذلك نقرأ « فدخل الرجل إلى البيت ».

هل استطعنا الآن أن نميز في هذا الجزء من القصة سر بطء تقدمنا في معرفة المسيح ولماذا تكون عواطفنا عادة باردة. إننا نعوق ونُحزن ذاك الذي وحده يؤثر بقوة على قلوبنا بمحبة المسيح. إنه الأقنوم الإلهي المعزي الذي أتى من عند الآب ومن المسيح ومن السماء. ولكن هل نرحب به؟ وهل له « مكان » عندنا؟

إنه حسن أن نسأل أنفسنا هذا السؤال العظيم « هل من مكان؟ » وهل أعددنا أنفسنا كمكان للروح القدس؟ إن الجسد والروح كليهما « يقاوم أحدهما الآخر » (غل5: 17) ونحن لا نستطيع أن نُضيف الروح إن كنا نخدم الجسد. ومن المستحيل أن نقيم مكاناً للروح ونحن منصرفين للجسد وشروره. فهل نحن مستعدين أن نرفض الجسد وشهواته لنفسح المكان للروح فيقودنا إلى أمور الله الأبدية العميقة؟ وهل نحن نمد الجسد بمؤونة لتتميم رغائبه أم أننا نهيئ مكاناً ومؤونة للروح؟ إن « المكان » و « المؤونة » كانا في بيت بتوئيل عبد إبراهيم والنتيجة أن العبد استطاع أن يتكلم عن اسحق ليربط عواطف رفقة باسحق ويقودها إلى اسحق.

وبالدخول إلى البيت (ع32) فإن أول شيء قام به العبد أنه شهد لإسحق. إنه أعلن فكر سيده بخصوص اسحق، وإذ فعل ذلك أخذ من الأشياء التي لإسحق وأراها لرفقة. لقد تحدث عن كل ثروة بيت سيده، ثم قال أن كل هذه الثروة أُعطيت لإسحق « فقد أعطاه كل ماله ». وهل نعرف نحن جيداً أن كل ما للآب أعطاه للمسيح كما قال الرب « كل ما للآب هو لي"، وعندما تحدث عن الروح القدس أضاف: « إنه يأخذ مما لي ويخبركم » (يو16: 15).
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
pola
مشرف
مشرف
pola


ذكر
عدد الرسائل : 240
العمر : 28
الدولة : egypt
تاريخ التسجيل : 13/05/2007

بطاقة الشخصية
نقاط التميز:
عروس الحمل Left_bar_bleue100/100عروس الحمل Empty_bar_bleue  (100/100)

عروس الحمل Empty
مُساهمةموضوع: رد: عروس الحمل   عروس الحمل Emptyالسبت يوليو 26, 2008 5:10 pm

ونسأل ما تأثير هذه الشهادة عن اسحق التي سمعتها رفقة؟ هل ازدادت معرفتها لإسحق؟ لا شك أن هذه كانت إحدى النتائج، ولكن كان هناك أكثر من ذلك كثيراً إذ أيقظت فيها المحبة لإسحق. وعندما استيقظت المحبة فيها أن العبد أخرج آنية فضة وآنية ذهب وثياباً وأعطاها لرفقة كما أعطاها أشياء جميلة تتحلى بها من عند اسحق. وهكذا أيضاً يتعامل معنا الروح، إذ يُظهر لنا فكر الآب بخصوص المسيح. إنه يأخذ مما للمسيح ويريه إيانا ولذلك يوقظ المحبة للمسيح ثم يأتينا بالأشياء الجميلة التي للمسيح إذ يجعلنا شهوداً لمحبته الفادية وهي آنية فضة، وشهوداً للبر الإلهي فهي الذهب وشهوداً للقداسة العملية وهي الثياب.

ثم نرى بعد ذلك عمل الروح. كان العبد قد وجد العروس التي من عشيرة اسحق، فميزها عن كل البنات بأقراط الحلي والسوارين وأيقظ عواطفها لإسحق كما أعطاها أشياء جميلة من اسحق. والآن يقودها إلى اسحق (ع54- 60).

قال العبد « اصرفوني لأذهب إلى سيدي ». كان قد أتى إلى أرام النهرين ليأخذ العروس وبعدما أتم هذه الغاية أراد الانصراف. إنه لم يأتي ليتعطل ويبقى في أرام النهرين. إن فكر العبد أن يتخذ العروس ثم يترك المشهد ويرجع إلى سيده. إنه لم يحصل على العروس ليبقيها في بيتها القديم، بل بعدما حصل عليها يقودها إلى بيتها الجديد. وكان أمراً مباركاً أن يجعل لرفقة نفس الفكر. كان يتوق إلى الرحيل والوصول إلى اسحق وأوجد أيضاً نفس الرغبات في قلب رفقة. أراد أن ينصرف وكذلك رفقة أيضاً. أما أهلها فإن كانوا قد عرفوا رغبته في أن يذهب العبد إلى سيده ولكنهم أرادوا أن تتعطل رفقة على الأقل عشرة أيام. ولذلك دعوا الفتاة وسألوها شفاهاً لكي يكتشفوا مدى تأثير العبد عليها وكيف أن فكره قد شكّل فكرها، فهو قد تاق للرحيل وكانت هي أيضاً مستعدة لذلك.

فإذا سمحنا للروح القدس أن يتخذ طريقه فينا ولم نعوقه فإنه يشكّل أفكارنا بحسب فكره. نفكر مثلما يفكر هو عن المسيح، ونخلع قلوبنا عما ليس للمسيح وأن نرتبط بالمسيح حيث هو الآن.

لم تكن رفقة يتيمة بل كان لها الأب والأم والبيت في أرام النهرين مع ثروة وممتلكات في أرض ميلادها. ولكي ما تتمتع بهذه البركات لم تكن في حاجة لترك أرض ميلادها وتواجه رحلة البرية. وبالرغم من كل هذا تركت الكل ونسيت شعبها وبيت أبيها وواجهت رحلة البرية لتصل إلى شخص لم تراه. فهذه هي القوة الجبارة الجاذبة لشخص عندما يستيقظ فيه الإيمان والعواطف.

وبنفس الطريقة فإن الروح القدس قد أتى ليستحضر قلوبنا تحت التأثير لمحبة المسيح التي تحصرنا، إنه هنا ليأخذ مما للمسيح ويرينا إياه. إنه هنا ليقودنا إلى أمور الله العميقة- الأشياء التي قيل عنها « لم تره عين ولم تسمع به أذن ولم يخطر على قلب بشر ». إنه قادر أن يشددنا في الإنسان الباطن، ليحل المسيح بالإيمان في قلوبنا ونحن متأصلون ومتأسسون في المحبة لنستطيع أن ندرك مع جميع القديسين ما هو الطول والعرض والعمق والعلو، ونعرف محبة المسيح الفائقة المعرفة.

كل هذا هو قادر ومستعد أن يفعله. فلماذا نحن قليلي الالتصاق بالمسيح وعواطفنا ضعيفة من نحوه؟ ألسنا متعوقين؟ قال العبد « لا تعوقوني » أفلا يجب أن يكون هذا الصوت قوي لنا، قد نقول لا يمكننا أن نتمتع بهذه الأشياء بعيداً عن عمل الروح وليس بمقدورنا أن نقوم نحن بعمل الروح، هذا صحيح ولكن للأسف فإننا نعوق عمل الروح فعندما نلتصق بالعالم وبسياسته وبمعتقداته الدينية ومسراته، عندما نستغرق في الأشياء حتى الصحيحة- المدينة والعشيرة وبيت الآب- فنحن نعوق الروح القدس.

وسواء سمحنا للعالم أن يعوقنا أم لا فهذا يعتمد لا على العالم بل على أنفسنا. لقد أراد الأخ والأم أن تبقى رفقة معهم أياماً، وهذا جعلهم يقولون « ندعو الفتاة ونسألها شفاهاً ». فإذا كانت إجابتنا مثل رفقة « أذهب » عندئذ يؤثر الروح بقوة شديدة في قلوبنا حتى أن كل قوة وجاذبية العالم لا تقدر أن تعوقنا.

وبعد ذلك « قامت رفقة... وتبعن الرجل ». لقد وضعت نفسها تماماً تحت قيادة الرجل، والنتيجة « فأخذ العبد رفقة ومضى » (ع61). لم يكن طريقها بل مضت في طريقه. ونحن لسنا دائماً مستعدين أن نمضي في طريق الأرواح لأنه طريق يضاد إرادة الجسد تماماً. ولذلك نفعل حسناً إذ نتذكر أن اتباع قيادة الروح لا يعني ما يسمى بالنور الداخلي، بل إن اتباع الروح هو السير بحسب المكتوب. إن الروح لا يقود بعيداً عن الكلمة ولا مضاداً للكلمة.

والنتيجة المباشرة لاتباع الرجل أن رفقة وجدت نفسها في مشهد البرية، فلم يعد لها بيت لابان ولا بيت اسحق. وهكذا مع نفوسنا كما قال واحد « ليست لنا بعد الأرض التي نحن فيها، ولا السماء التي سنذهب إليها ». وعلى كل حال فقد سارت في رحلة البرية حوالي 400 ميل وأمامها مشهد براق، ومعهما في الطريق العبد الذي يتحدث إليها عن أمور اسحق ويريها لها. وفي النهاية فإن الشخص الذي اكتسب قلبها كان ينتظر وصولها لكي يأخذها لنفسه.

وفي ختام هذه القصة الجميلة يأتي اسحق شخصياً ويتبدى في المشهد. وفي كل مشاهد البرية لم يكن اسحق يتخذ دوراً ملموساً مع أنه لم يكن غير مدرك لكل ما حدث. إنه أتى من بئر لحى رئى- وهي كلمة ذات معنى عميق أي بئر ذاك الذي هو حي ويُرى (تك16: 14). وكم هو حلو أن نعرف ونحن سائرين في الطريق أنه في نهاية الرحلة سنجد ذاك الذي لم يكن غير مبالٍ بشعبه. إنه يرى ويحيا- نعم والكلمة هي « حي في كل حين » أو « حي إلى الأبد » (عب7: 25).

وبعد ذلك أتى اسحق لملاقاة رفقة، فسألت: « من هذا الرجل الماشي في الحقل للقائنا؟"

نحن نسافر إلى هذا الاجتماع العظيم ولكن ليتنا لا ننسى أنه سيأتي للقائنا. والصورة تستحضر اسحق كمن كان ينتظر ويطلب عروسه. إن رغباتنا من نحو المسيح غالباً ما تكون ضعيفة ولكن أشواقه من نحو عروسه إذ يقول « إن مضيت آتي أيضاً وآخذكم إليّ ».

إن وقت الاجتماع هذا ليس بعيداً ففي النهاية ترفع رفقة عينيها وترى اسحق فنـزلت عن الجمل إذ انتهت الرحلة. وفي النهاية عندما نراه وجهاً لوجه تكون الرحلة قد انقضت. ولن يطول السفر فالليل انقضى والنهار وشيك. وإذ تأتي اللحظة فإن اختطافنا لن يطول فهي طرفة عين ونكن هناك.

وبعد لقاء رفقة أخذت البرقع وتغطت. وهيأت العروس نفسها وتم العرس. « وأخذ رفقة فصارت له زوجة وأحبها ». هكذا أيضاً بعد أن نصل إلى نهاية رحلة البرية، بعد الاجتماع العظيم عندما نراه لأول مرة وجهاً لوجه ويأخذنا لنفسه، نقرأ « عرس الخروف قد جاء وامرأته هيأت نفسها ». وستُستحضر الكنيسة للمسيح بكل مجدها ولا دنس فيها ولا غضن ولا شيء من مثل ذلك- « مقدسة وبلا عيب ». عندئذ سيظهر أن المسيح قد وجد غرضه الذي يناسب محبته ويتجاوب مع محبته وسيشبع. وسينظر إلى عروسه ويقول « أنا مكتفي" « يرى من تعب نفسه ويشبع ».

إن هذه المناظر المجيدة التي أمامنا تجعل كل مباهج العالم تخفت، فجمالها زائف وغناها فقر ومسراتها باطلة وأمجادها فارغة في نور الأمجاد الآتية
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
عروس الحمل
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى رئيس الملائكة ميخائيل :: المنتــــدي الدينــــــي :: كتب دينية-
انتقل الى: